لدور المصري في إنهاء حرب غزة: دبلوماسية الصبر والقوة الهادئة
الدور المصري في إنهاء حرب غزة: دبلوماسية الصبر والقوة الهادئة
منذ اندلاع الحرب في غزة، كانت مصر – بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي – اللاعب الأكثر ثباتًا وفاعلية في إدارة خيوط الأزمة المعقدة.
فبينما انشغل العالم بتبادل الاتهامات والمصالح، تحركت القاهرة بصمت وحكمة، لتتحول من مجرد وسيط تقليدي إلى ضامن أساسي لمسار التهدئة، وصاحب الكلمة الموثوقة لدى جميع الأطراف.
1. القيادة السياسية: رؤية السيسي في إدارة الأزمات
منذ اليوم الأول، أدرك الرئيس السيسي أن الحرب في غزة ليست مجرد صراع فلسطيني – إسرائيلي، بل أزمة تهدد الأمن القومي المصري والإقليمي.
فقد أكد مرارًا أن “حل الدولتين هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام”، وفي الوقت نفسه رفض تمامًا أي حديث عن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، معتبرًا ذلك خطًا أحمر واعتداءً على السيادة المصرية.
الرئيس تحرك على محورين متوازيين:
- إنساني وأمني: عبر فتح معبر رفح وإدخال المساعدات رغم المخاطر.
- سياسي ودبلوماسي: بالتنسيق مع القوى الإقليمية والدولية مثل الولايات المتحدة وقطر والأمم المتحدة.
2. المخابرات العامة المصرية: الجسر الخفي بين المتحاربين
لعبت المخابرات العامة دورًا محوريًا في:
- إدارة الاتصالات السرّية بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
- صياغة مقترحات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
- ضمان التزام الأطراف بالاتفاقات بعد الهدنة.
وليس جديدًا أن جهاز المخابرات المصرية يمتلك شبكة علاقات تمتد عبر جميع الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي، إضافة إلى تنسيق دائم مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والأمريكية.
هذه العلاقات المعقدة سمحت لمصر أن تكون الوسيط الوحيد القادر على التحدث إلى الجميع في وقت واحد.
3. ما لا يراه الجمهور بوضوح
بعيدًا عن التصريحات الرسمية، هناك جهد مصري متواصل غير معلن يتمثل في:
- اجتماعات ميدانية سرّية داخل القاهرة والعلمين شارك فيها مسؤولون أمنيون من عدة دول.
- إدارة خطوط إمداد إنسانية تحت القصف لضمان دخول المساعدات للمدنيين.
- منع تصعيد إقليمي من خلال احتواء تحركات بعض الميليشيات التي كانت قد تهدد بفتح جبهات جديدة.
هذا العمل كان يجري بصمت، دون استعراض إعلامي، انطلاقًا من مبدأ أن الوساطة الفاعلة لا تحتاج ضوضاء سياسية، بل نتائج عملية.
4. النتائج: مصر تستعيد مكانتها
بفضل هذا التحرك المتوازن، تمكنت مصر من:
- تثبيت نفسها كـ الوسيط الوحيد المقبول من جميع الأطراف.
- تعزيز ثقة المجتمع الدولي في قدرتها على ضبط إيقاع المنطقة.
- إظهار نموذج “القوة الهادئة” في مواجهة الصراعات الإقليمية.
وفي الوقت الذي فشلت فيه مؤسسات دولية في إيقاف إطلاق النار، استطاعت مصر أن تفرض لحظات تهدئة وإنقاذ إنساني أكثر من مرة، وهو ما يؤكد أن دورها لم يعد إقليميًا فحسب، بل دوليًا.